"والآن، ما الذي عليَّ فعله؟"
سألت المصباح في يدي وأنا أقفُ متوارية خلف الجدار، أنظر إلى ذاتي قبل تسع سنوات، إلى ذلك الوقت الذي تمنيْتُ مرارًا العودة إليه، وتعديل مسار حياتي ظنًّا مني أنني سأُحسن الاختيار، لكنه لم يحرِّك ساكنًا؛ فقد كانت كل مهمته السفر بالزمن إلى الوقت الذي أشاء، دون أي إشارة إلى صحة أو خطأ ما أقوم به.
رأيْتُ نَفسي، شابة في مقتبل العمر وفي قمة الإقبال على الحياة، محاطة بكثير من المعارف، تدبُّ البهجة أينما تحل، وتعلو القهقهات حيثما تكون.
كانت تقفُ وسط جمعٍ من الأصدقاء، لكنها أقرب إلى أحدهم عن الآخرين.
ما هذا الذي أراه؟ ما هذه الهالة الغريبة؟
إنها محاطة بهالة من الحب الواضحة للعيان، تسطع كلما اقتربت من هذا الشاب بالذات، أستطيع رؤية لمعة عيناها من هنا، ابتسامتها مختلفة في حضوره، أكاد أقسم أنني أسمع تراقص دقات قلبها على كلماته.
لكن لِمَ لا يُعلِّق أحد على هذه الهالة؟ هل لأنهم لا يرونها؟ أم لأنهم اعتادوا على وجودِها؟
ولِمَ لا يُبادلها هذا الشاب نَفس المشاعر؟ لا أرى أيَّ هالة حوله، رغم أن تلك النظرات هي نظرات إعجاب لا شك.
تذكرت!
لقد أخبرني المصباح أن الحجاب سيُكشف عني فقط، وليس عن أيِّ شخص آخر، وها أنا ذا، أراني غارقة في الحب، لكن كبريائي يمنعني من المبادرة.
رأيْتُ عيني الشاب تختلس النظر بين الحين والآخر إليَّ، إنه يشعر بشيء نحوي، لكن لِمَ لا يخبرني؟
عليَّ التركيز الآن على نَفسي، إنها الخطوة التي ستغير كل شيء، هل أوسوس لها بأن تبادر بالاعتراف بما يكنُّ قلبُها؟
ستكون خطوة جريئة جدًا تزيل قناع القوة التي ترتديه،
لكن ماذا إن صدَّها؟ ستنهار بالكامل؟
لكنني على يقين أنه لن يفعل، هو يحبها بالفعل.
كل ما عليَّ أن أخطو تجاهها الآن وأحثُّها على المبادرة؛ خصوصًا بعدما سافرت إلى المستقبل ووجدت كيف لا تزال مفطورة القلب كونها ليست معه، مرت سنون طويلة منذ اتفقا على أن يظلا أصدقاء، لكن لا يزال قلبها ينبض باسمه، ولا تزال روحها متعلقة حد الجنون به، ولا يزال عقلها منتظرًا عودته إلى أحضانها.
إذًا كل ما عليَّ الآن هو إقناع تلك المتظاهرة بالقوة، بالمبادرة، بالاعتراف بالحب.
بدأت السير واثقة الخُطى نحوي، عازمةً على تغيير حياتي كما رسمت، مؤمنةً بأنها ستكون أكثر جمالاً، مليئة بالحب، والسعادة، الأنس، والطمأنينة.
لكن فجأة وجدتني في غرفتي، وحيدة، ممسكة بالمصباح في يدي، لقد انتهت الثلاث دقائق المسموح لي فيهم بالتغيير، تأخرت كما تأخرت في الإقرار بمشاعري لحبيب عمري.
بقيت محاولة واحدة، مرة أخرى للسفر عبر الزمن بالمصباح، أتمنى أن أُصيب هدفي، وأن يُكتب لي الخير هذه المرة.